Site icon Palmyra News

طريق دمشق – تدمر – دير الزور … صعوبات وذكريات

لا يزال السفر ضمن مناطق النظام في البادية السورية غير مريح ومحفوفاً بالمصاعب بعد سنوات من سيطرة قوات النظام على المنطقة بشكل شبه كامل ولم ينته خطر خلايا تنظيم داعش” وهي تتحرك في مناطق شاسعة في البادية بين تدمر ودير الزور.. حيث يتطلب السفر من دمشق الى مناطق البادية (تدمر – السخة وأطراف دير الزور ) عبر حمص حوالي 500 كم الحصول على كميات كافية من الوقود. وما تقدمه “البطاقة الذكية” ويقدر بنحو 25 ليتراً كل 12 يوماً للسيارة لا يكفي في أيّ حال لهذا السفر، ويصبح التوقف تالياً في حمص/ على بعد 170 كلم عن دمشق/ بحثاً عما يكمل به المسافر رحلته اضطرارياً. وفي حمص لايد المسافر صعوبة بالحصول على البنزين وبكميات وفيرة، غالونات البنزين معروضة على الطرق الرئيسة في عشرات الأكشاك المنتشرة في اتجاه طرطوس أو حتى في محيط مصفاة حمص ذهاباً وإياباً.. لكن لا بديل عن دفع قيمة مضافة على الليتر ليتراوح سعره بين 6 آلاف و6 آلاف و500 ليرة. ولا مجال أساساً للتفاوض على سعر معروف ومتفق عليه، فالحاجة تجبر أحياناً على الدفع أكثر من ذلك. الطريق الى تدمر على بعد 160 كلم شرق حمص عبر عدد كبير من الحواجز تزيد طول الرحلة، لا شيء يدلّ على أي تغيير في هذه المنطقة بعد سنوات من سيطرة قوات النظام عليها بادية وعرة وبساتين زيتون أو حتى أشجار نخيل تقاوم الموت، ومن حين إلى آخر تظهر منازل متفرقة ومتباعدة ونقاط عسكرية متفرقة. وعورة جبال هيان وقسوة المنطقة على مدخل المدينة تذهب بالخيال بعيداً إلى استذكار صعوبة المعارك التي دارت في تلك البقعة، بين قوات النظام المدعومة بالطيران الروسي وتنظيم داعش حيث مشاهد الدمار ظاهرة للعيان، يراها المسافرون واضحة وهم يمرون على أطراف المدينة، شعارات الانتصار وهزيمة التنظيم غطت على جدران كثيرة، وأعلام سورية وروسية ورايات للقوات الرديفة تنتشر بكثافة في المدينة. وحدها الأضرار التي طالت المدينة التاريخية يصعب رصدها عن بعد، وقد شكلت خسارة فادحة للسوريين والبشرية جمعاء، في هذه المدينة أعدم “داعش” عالم الآثار خالد الأسعد، وتناوب النظام والتنظيم على تدمير أشهر المعالم الآثرية واجهة المسرح الروماني وتماثيل وأقواساً وأعمدة تاريخية.. حتى محمية التليلة والواحات فقدت آلاف أشجار النخيل والزيتون على مدى عشر سنوات من الحرب والنهب والتخريب المنظم من الطرفين و عن آمان الطريق يطمئنك عناصر أول حاجز بعد مغادرة المدينة بإتجاه الشرق،ويخبروك أن أن الأمور بخير، وكلّ حاجز يخبركم بالتسلسل عن آمان الطريق المتواجد في بادية مترامية على طرفي الطريق من “أراك” الى “السخنة” وحتى مدخل دير الزور. على هذا الطريق الصحراوي يمرّ عدد قليل من السيارات أغلبها حافلات نقل ركاب تعد على أصابع اليد الواحدة وأخرى صهاريج لنقل النفط وغالباً ما تمرّ ضمن قوافل.. فضلاً عن ذلك يبدو الطريق مقفراً جداً، تزيد وحشته بلدة “السخنة” وقد خلت من أيّ حركة.. منازل بسيطة تحت جرف صخري حادّ تضرّرت بشدّة خلال المعارك بين التنظيم وقوات النظام وفي المنطقة يتممترس ما تبقى من فلول تنظيم داعش مستفيدين من منطقة نائية تعتبر أقرب إلى بادية مترامية فقيرة بغطائها الأخضر وندرة مياهها في طرفها الأبعد عن الطريق السريع تنشط خلايا التنظيم ، حتى اليوم وتهاجم نقاطاً عسكرية تستفيد من خبرتها بمعرفة كهوف ومخابئ في عمق الجبال هرباً من غارات الطيران.. وفي الحدود الأدارية لمدينة دير الزور “كباجب” التي تبعد نحو 120 كلم عن دير الزور، إحدى المحطات الرئيسة في المعارك بين قوات النظام والتنظيم بيوت طينية تحيط بالأوتستراد على طرفيه وبعض المنازل لا تزال مقتنيات أصحابها البسيطة فيها، مظاهر حياة قاسية في هذه المنطقة.. انتشر الجنود على مداخل رئيسة وفوق مرتفع يشرف على البلدة بأسرها حتى الطريق.. أصوات القصف يتردّد صداها في اتجاه نقاط أبعد في عمق البادية. تبدو الأمور تحت السيطرة بالكامل، يخبرنا قادة ميدانيون من قوات النظام ويزيد المشهد غموضاً تحليق للطيران المروحي على ارتفاعات منخفضة على بعد كيلومترات باتجاه الشمال.. وكانت مليشيات تتبع للحرس الثوري الإيراني، قد وضعت يدها على هذا الطريق عقب هجمات متكررة من قبل تنظيم “داعش” فشلت قوات النظام في التصدي لها، ما يدل على أهمية هذا الطريق للجانب الإيراني. ويبدأ هذا الطريق الذي يبلغ طوله نحو 500 كيلومتر من العاصمة السورية دمشق، وصولاً إلى مدينة تدمر ومنها إلى الأرك، فبلدة السخنة، ومن ثمّ إلى مدينة دير الزور، ومنها إلى مدينتي الميادين والبوكمال الواقعتين تحت سيطرة مباشرة من المليشيات الإيرانية منذ أواخر عام 2017. ويعد هذا الطريق الأهم في البادية السورية، إذ يعتمد عليه النظام والإيرانيون في نقل الإمدادات من وإلى العاصمة دمشق من شرقي سورية، فضلاً عن القوافل التجارية التي تتحرك عبره وسيارات النقل العامة. وكان تنظيم “داعش” قطعه أكثر من مرة خلال العام الفائت، خصوصاً عند بلدة السخنة التي لطالما كانت ميدان معارك كر وفر بين خلايا التنظيم وقوات النظام.