أول تنقيبات أثرية في تدمر من قبل معهد الآثار الروسي كانت بعام 1881م في العهدين القيصري والعثماني والتي تم فيها اكتشاف القانون الذي ينظم العمل التجاري في حضارة تدمر التاريخية وهو القانون الذي أطلق عليه (القانون الجمركي في “تدمر” قبل ألفي عام تقريباً) حيث تم اكتشافه على طريق “الحرير” بين الشرق والغرب، وعندما نصل إلى “تدمر”، نشاهد بين السور “الدفاعي”، وسور “الجمارك”، ما يشبه المنطقة الحرة اليوم، فيها تم اكتشافُ أهمِّ قانون تجاري في العالم حتى الآن، يطلق عليه “التعرفة الجمركية التدمرية Palmyrian Customs Tariff”.
بهذا المكان كانت القوافل تجتمع لتجري عمليات المبادلة التجارية بين المتاجر والتجار من مختلف بقاع العالم، حيث تنقل البضائع من الشرق والجنوب إلى بقية العالم، حتى أصبحت “تدمر” تستحق لقبها الذي سميت به “سيدة تجارة القوافل” لقرون عديدة، وكرست أقدم منطقة حرة للتجارة العالمية.
في عام 1881 قام الأمير الروسي “لازاريف” بزيارة إلى “تدمر”، وكشف أمام ملحق الساحة العامة (الآغورا) عن أطول نصٍ من النصوص المكتوبة بالتدمرية الآرامية، وأكثرها أهميةً بالنسبة لمختلف الوثائق التي اكتشفت في العالم الروماني، و”سورية” منه، فيما يتعلق بالأمور التجارية، والنظامُ الضريبيُ المتبع وقتها، إذ حكم الرومان “سورية” ما يقارب ألف عام، ولكن مع إعطائها الاستقلالية الإدارية في أغلب هذه المدة.
«يعرف هذا النص لدى اختصاصي التدمريات باسم “التعرفة الجمركية”، وهو قانون صادر عن مجلس الشيوخ والشعب على لوحة طولها خمسة أمتار، وارتفاعها متر وخمسة وسبعون سنتيمتراً؛ ومكتوب بالتدمرية الآرامية واليونانية، وقد نقل هذا الحجر الكبير إلى “روسيا” عام 1901 إلى متحف الأرميتاج في “لينينغراد (بطرسبورغ)”، بعد أن تم تقطيعه بالمنشار إلى عدة أجزاء؛ وبموافقة السلطان العثماني آنذاك، و”لازاريف”، مكتشف الحجر، هو المسؤول عن نشر هذا القانون بمساعدة الباحث الروسي أيضاً “لاتشيف”».