خلال تسع سنوات انتجت الثورة هذه الكاريزما ولكنّ أيّ عالم اجتماع لا يستطيع دراسة تشكّلها وهي تصل إلى حالتها الراهنة وهنا تكمن الفكرة التي يريد إثباتها السوريّون من حيث أنّ الثورة تشكّلت بالطريقة ذاتها التي تشكّلت فيها تلك الكاريزما.
الساروت هو جيفارا السوريين اليساريين وهو قطز السوريين المتديّنين وهو مثال الفينيق يعود بعد كلّ موت لدى القوميّين السوريّين، كان حدثا استثنائيّا في التاريخ الاجتماعي لسوريا
فهذا الإجماع لدى السوريين الذين يختلفون في الرموز أكثر من اختلافهم في أيّ شيء آخر الطيب تيزيني مثالا
الساروت القادم من مجتمع غير ارستقراطي او ديني او يساري او ليبرالي القادم من مجتمع سوري حقيقي لم تتشكّل فيه النخب او قاعدتها ولم يتلوّث بعد
الساروت هو رمز شعبي ونخبوي هو رمز عند الأطفال والشيوخ والشباب والنساء، اجتماع كلّ هذه الشرائح بانقساماتها العموديّة او الأفقيّة حول شخص واحد يجعله ايقونة حقيقيّة في الذات الوطنيّة والإنسانيّة.
وربّما يستطيع السوريّون لاحقا ان يديروا ظهورهم للزير سالم او لعنترة وهم يبحثون عن مثال يجدون فيه ما يمكن ان يعوّض الخذلان الذي عاشوه خلال عقود.
الساروت يدخل التاريخ من باب لم يدخله الفقراء قبله ونحن فقراء هذا العالم نشاهد أحدا منّا للمرّة الأولى يدخل التاريخ ولكنّ ذلك ليس شيئا أمام ألمنا الممتدّ من لحظة موته إلى اللحظة التي تكون فيها سوريّة حرّة، وإلى ان نصل إلى تلك اللحظة سنغنّي اغنياته التي كانت تقول سوريا للجميع وتحيا بالجميع.
في هذا الوقت وإلى جوار ميّت يولد طفل وقرب هذه المأساة تتفتّح زهرة، لهذا البطل المنسجم مع ذاته وفكرته التي كانت تنضج كعنقود عنب الرحمة والمغفرة، لهذه القامة التي مرّت بالفصول جميعها وصولا إلى ربيعها تنحني قاماتنا، أمّا نحن فقد يستيقظ لدينا الأمل او يصبح تفّاحة تعيدنا إلى سوريا ما قبل الاستبداد.